كلام أعجبني في حوار توفيق الحكيم مع لوسي يعقوب ، أحببت أن أنقله لكم ، إن
وجدتم الوقت لمطالعته
** وهل يستطيع أن يدرك أعاجيب الثورة .. أو يشعر بحرارتها .. إلا الشباب ؟
ومن المعروف أن الثورات .. لا ينطبع أثرها إلا على قلب جديد ملتهب ولا يملك
هذا القلب إلا الشباب .. في فورة شبابهم .
** الطبيعة البشرية .. اهتمامها أول ما تهتم بالغذاء .. وهو دعامة الحياة
.. وضرورة الوجود .. فمنذ خلق الله أدم .. علمه البحث عن الطعام في الجنة ..
بفاكهتها .. يأكل منها ما يشاء .. إلا ما نهاه عن تناوله ليعلمه بوجود الممنوعات
إلى جانب المسموحات .. فلما أخرجه من الجنة .. ودفع به إلى الأرض .. كان عليه أن
يسعى هو فيها .. بحثاً عن طعامه .
** ما أخشاه في القرن القادم أن تضمر في الإنسان عضلة الفكر .. كما يقول
العلم .. بأن بعض الأعضاء يضمر بعدم الإستعمال .. وهذا ما وجدته مطبقاً تماماً ..
عندما أحضر لي حفيدي جهاز حاسب ليظهر المبلغ المطلوب ..كان به جدول الضرب والطرح
والقسمة والجمع ..
والعقل البشري في وضع .. معطل عن التفكير .. وتم وضع هذا العقل والتفكير في
عقل ألة .. إذن .. نحن مقبلون على وضع التفكير البشري في عقل الألة .. فأي جيل في
المستقبل سوف يظهر على هذه الأرض ؟
** إن المرأة تأتي كالصاعقة .. كالقدر الداهم .. سواء كانت طيبة .. أم
شريرة .. فهي في كلتا الحالتين .. سوف تكبل الرجل .. في فكره .. وفي حياته .. وهو
في هذه الحالة سوف يفقد حريته تماماً في تشكيل حياته بنفسه ؟
** لقد ناديت بتثقيف المرأة .. تثقيفاً تاماً لتكون زينة البيت .. وأستاذ
الطفل .. ومعلم الجيل .. فالمرأة ليست قطعة من أثاث البيت توضع فيه بجهلها ..
وعقلها المغلق .. وهي ليست خادماً .. تطعم الرجل .. وتغسل له ملابسه .. ولكنها
شريك محترم .. ينبغي أن يجد فيه الرجل متعة عقلية .. تحبب إليه البيت .. حتى لا
يهرب الرجال إلى المقاهي والحانات .. هاربين من وحشة المنزل .. الذي لا يحوي غير
نساء .. كالخادمات .. إنني أؤيد بقاء المرأة في البيت لكي تكون بحق .. ملكة البيت
.. إن من النساء في صدر الإسلام .. من فقن الرجال في فنون الأدب والعلم .. وقد كان
لبعضهن مجالس مشهورة .. يحضرها رجال الدولة .. ونوابغ الشعراء والأدباء ..
والمغنون ..وكان ذلك في عصر .. لم تزاحم فيه المرأة الرجل .. في المناصب والأعمال
.
إن المرأة .. زهرة البيت .. وروحه .. كلنا في ذلك متفقون .. فلنجعلها إذن
زهرة يانعة .. ونعرضها قليلاً للشمس والهواء .
إن عقل المرأة .. إذا ذبل ومات .. فقد ذبل عقل الأمة كلها ومات .
** إنني أكره المرأة التي تتشبه بالرجال .. ولا أكره ثقافتها .. إن الأنثى
تفقد كثيراً من جمالها وأنوثتها .. إن لم تظل (( أنثى فقط )) .. وسيدات العصر ((
المودرن )) سيدات الصالون .. اللائي فهمن الحية والمدنية والتحرر بمفهوم عكسي ..
يستنكفن أن يدخلن المطبخ ، إنهن (( زهرات مجتمع ليس إلا )) وهذا في رأيي .. ينافي
طبيعة المرأة التى خلقت للبيت .. ومسئولية البيت .. وهذا شططاً في عقل ومفهوم
المرأة المتحررة .
** إن المرأة الصادقة كنز .. عرفت فيها ما لم أكن أعرف .. من الوفاء ..
والإخلاص .. التفاني في صمت .. ورضيت بفقد حريتي .. لأنني وجدت الحرية مع المرأة
التى ارتضت بكل شروطي القاسية .. وهي (( عدم فقد حريتى )) .
** كل المسألة .. أنني وجدت أن المرأة مخلوق .. يريد أن يستأثر بكل شئ في
حياتنا .. لذا فإن عداوتي لهذا المخلوق لن تنقطع ما دمت أخشاه .. إن عداوتى ليست
إلا دفاعاً عن نفسي .. فلو أن المرأة تمثال من الفضة فوق مكتبي .. أو باقة من
الزهر في حجرتي ..أو إسطوانة موسيقية أنطقها وأسكتها بإرادتي .. لما كان عندي غير
تقديس وإكبار لا يحدهما حد ..
ولكنها للأسف شئ يتكلم ويتحرك .. ولكنى مع ذلك أعترف أنه من المستحيل أن
نرى فى التاريخ حضارة قامت بدونها .. ولا انحطت بدونها .. فإن في يديها العبقريتين
.. عبقرية الفناء ، وعبقرية البناء .. وإن صالونات السيدات في أوروبا .. ومجالس
الشعر والغناء في الشرق عند العرب .. هي التى أخرجت أجمل ما الغرب والشرق .. من
شعر .. وآداب .. وفنون !
إذن ما قيل .. إن مصر الحديثة .. لم تر بعد فناً ناهضاً .. ومن ثم .. لم
تبد أمام العالم بعد في ثوب الأمة المتحضرة .. فإن السبب الوحيد .. أن المرأة
المصرية ذات الذوق والروح .. ما زالت في مصر .. نادرة الوجود !
** الحب .. ليس غير الحب .. هو وحده الذي يستطيع أن يجعل حياتك سعيدة .
** إنني لا أرى الحب .. إلا في طهارته .. ولا أرى الإنسان .. إلا في قداسته
.. وكرامته .. وحاصة الأديب .. أو (( راهب الفكر )) لقد كنت دائما .. أزدرى أولئك
الذين ينشرون على الناس أدباً رفيعاً .. وجمالاً بديعاً .. ثم يعيشون حياة .. كلها
ضعة .. وخسة .. وقبح .. فالكاتب الحق في نظري .. هو مثل يحتذى به .. في باطنه وفي
ظاهره .. وإن لم يكن كذلك .ز فهو إذن مهرج .. يلبس للناس على الورق ثياب الملوك ..
وإذا خلا بنفسه خلعها .. وبدا في حقارته .. كأنه شحاذ .
** قال أبو بكر الرازي : " إن مفارقة المحبوب أمر لابد منه اضطراراً
بالموت .. وإن سلم من حوادث الدنيا وعوارضها المبددة للشمل .. المفرقة بين الأحبة
"
** حتى القراءة التى كان يعتصم بها في ليالي السهاد .. ما أفلحت في إنقاذه
** إن المرأة صاعقة ، خطر ، شر داهم ، قدر يصيب كالمرض والبلاء .. الذي لا
شفاء منه !
إذن فالبعد عنها غنيمة .. وأي غنيمة !
ولكنه الألم .. الألم الذي سببته هذه المرأة .. فقربها آلام .. وبعدها آلام
.. والحياة معها آلام وآلام .. ولكن الحب قاهر جبار .
** الحب الأفلاطوني .. أو الحب العذري هو أسمى وأنبل ألوان الحب .. إنه حب
بلا حدود .. بلا مقابل .. بلا رؤيا .. بلا تعاطف .. إنه إنصهار روح تحترق على
الورق .. ولا تبغى أكثر من الإفضاء بما يضني النفس .. لعل هذا الإفضاء إرضاء للروح
.. والقلب والفكر .. والجسد !
** لا قداسة عندها لشئ إذا اصطدم بغريزتها .. أو وقف في طريق شهوتها !
** ما الذي يخيفك من غدك ؟ .. أشباح .. ربما كانت تتصاعد من جوف كتبك
ومطالعاتك .. وتأملاتك .. ليس أقسى علينا .. من خيالاتنا .. ليس أفتك بنا من أيدي
إرادتنا .. وصنع أيدينا .. وليس أرحم بنا .. من يد الله .. وما خلق .. وأبدع .
** آه لو سمع الميت ما يقال خلف النعش من الكلام .. ماذا كان يصنع ؟ لو علم
أن هؤلاء المشيعين لا يتكلمون عنه طوال الوقت .. مع أنهم يقولون إنهم جاءوا من
أجله .. وأن فيهم من يستنزل عليه اللعنة .. إذا أطال المشي .. وأن منهم من يسلي
نفسه وجاره أثناء السير بحكايات ونوادر .. قد تدعو إلى الإبتسام .. أو الضحك
المكتوم !
وأن منهم .. من يتكلم في عمله .. ووظيفته .. وتجارته .. وبيته .. وغيطه ..
وعمن يخلفه فى العمل .. وعمن يرثه في التركة .. وأن كل ما أنفق من وقت المشيعين في
الخشوع لجلال الموت .. لا يتجاوز لحظات .. وأن الصمت الرهيب المفروض إحاطته بنعشه
لم يدم أكثر من دقائق .. ثم بدأ التهامس يعلو .. والهمهمة ترتفع .. والثرثرة تدوي
بين الصفوف في طنين كطنين الذباب .. ذلك ان الناس غير قديرين على نسيان أنفسهم
والسمو على هذه الأرض .. والإرتفاع عن شئون حياتهم العادية ودنيا الفانية أكثر من
بضع دقائق .. ومع ذلك .. لماذا نريد من الناس الوقوف أمام الموت .. موقفاً أجل من
هذا ..وهو بعيد عنهم .. ومختبئ داخل هذه الخشية المكسوة بقماش .. يتفق مع حالة
الميت .. وسنه ونوعه .. إن الموت لا يعني شيئاً .. إلا في نظر الميت نفسه .
** لو رغبت في شي بعد الموت .. فهو أن أقوم في الناس خطيباً .. أقول لهم :
" سيداتي وسادتي .. أولاًَ .. فلتجفف السيدات أعينهن حتى لا تمسح
الدموع .. طلاء وجوههن .. وصبغة شفاههن .. وهذا هو المهم . فأنا ما زلت حريصاً على
أن تكون المرأة جملية .. فالجمال مهما يكن نوعه .. من خارجي .. وداخلي .. هو العذر
الوحيد الذي به نغتفر للمرأة فيه كل تفاهتها .. وحماقتها .. والنساء جميعاً اليوم
.. والحمد لله .. جميلات .. والفضل للمساحيق .. وأنت .. كيف تريد مني أن أخبرك بشئ
كلفني العلم به .. أن أموت .. لكل دار علومها .. وهل كنت وأنا على الأرض أعلم
الأموات كيف تريدون منى الآن .. بعد الموت .. أن أعلم الأحياء .. علوم الدار
الأرضية يفهمها أهلها .. وعلوم الدار الآخرة .. لا يدركها إلا أهلها .. مت أولاً
وأحضر إلى هنا في الآخرة .. وأنت تعلم .. وتفهم ! "
** إنه القلق .. القلق .. لم أستطع منه فكاكاً .. ليس اليوم فقط بل طوال
عمري وأنا سجين القلق .. إنني في حالة قلق دائم .. حتى عندما لا أجد مبرراً لأي
قلق .. سرعان ما ينبع فجأة من تلقاء نفسي .. هذا القلق الروحي .. والفكري .. لا
ينتهي عندي أبداً .. ولا يهدأ .. إنني سجينه .. سجين الأبد .
** لا خير في فكرة لم يتجرد لها صاحبها .. ولم يجعلها رداءه .. وكفنه ..
بها يعيش .. وفيا يموت .
** ليس المهم للإنسان أن ينجح .. بل المهم أن يكدح !
** الرق .. لم يذهب من الوجود لقد اتخذ شكلاً آخر .. يناسب هذا العصر ..
لكل عصر .. رقه .. وعبيده
** كل شئ في الكون .. يدور .. نسأل الطبيعة عن سرها .. فتجيبنا باللف
والدوران.
** الثواب في الفن .. كما في الدين .. على قدر المشقة .