أفلاطون وأرسطو من واضعي أسس الفلسفة في الثقافة الغربية، واشتهروا بإسهامتهم في ذلك العلم، وتبعهم العديد من الفلاسفة الغربيين والعرب من المسلمين وغيرهم.
وكثير ممن يدرسون أو يعظمون شأن هؤلاء يأخذون من مذاهبهم الغث والسمين ولا يلتفتون لأي مدى يطابق ذلك الشريعة الإسلامية والملة الحنيفية!!
ولعل السبب الرئيس الذي دفع بالعديد من علماء الدين بتحريم دراسة الفلسفة هو أن أسس ذلك العلم التي تتمركز حول إعمال العقل في أمور يعجز العقل عن إدراكها مما يتسبب في شططها وإنحرافها.
ومن أهم تلك الأمور إعمال العقل في صفات الله الواحد الأحد، ونحن كمسلمون من أهل السنة والجماعة مذهبنا هو إثبات أسماء الله وصفاته كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى من غير تحرييف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، عملاً بقوله تعالى: " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ".
وقال رجل لمالك بن أنس رحمه الله : يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " ، كيف استوى ؟ فقال له رحمه الله : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
ومما سبق يتضح أن ذلك يناقض تماماً عقيدة الفلاسفة وهي أنه لا يجب للعقل أن يتوقف عند أي نقل أو أية حدود، وأحببت أن أضرب المثل بمن هم أصل ذلك العلم ومنبته، فكل من يأتي بعدهم تابع أو مقلد!
أما أفلاطون فيمعن في الزيادة على كل صفة يوصف بها الله، فلا يزال يتخطاها، ثم يتخطاها كلما استطاع الزيادة اللفظية حتى تنقطع الصلة بينها وبين جميع المدلولات المفهومة أو المظنونة.
ومن ذلك أنه ينكر صفة الوجود ليقول : إن الله لا يوصف بأنه موجود، تنزيهاً له عن الصفة التي يقابلها العدم وتشترك فيها الموجودات، ومذهبه هذا أقرب إلى الغيبوبة الصوفية منه إلى التفكير الجلي والمنطق المعقول.
ويرجح الأكثرون أن أفلاطون نفسه لم يكن يتصور ما يصوره من تلك الصفات، وإنما كانت غايته القصوى أن يذهب بالتصور إلى منقطع العجز والإعياء.
وأما أرسطو فيرى أن الإله كائن أزلي أبدي مطلق الكمال لا أول له ولا آخر، ولا عمل ولا إرادة، منذ كان العمل طلباً لشئ والله غني عن كل طلب، وقد كانت الإرادة اختياراً بين أمرين، والله قد اجتمع عنده الأصلح الأفضل من كل كمال؛ فلا حاجة به إلى الاختيار بين صالح وغير صالح، ولا بين فاضل ومفضول.
فالإله الكامل في مذهبه لا يعنيه أن يخلق العالم أو يخلق مادته الأولى " الهيولي " - كلمة يونانية تعني الأصل أو المادة -، ولكن لهذه " الهيولي" قابلية للوجود يخرجها من القوة إلى الفعل شوقها إلى الوجود الذي يفيض عليها من قبل الإله، فيدفعها هذا الشوق إلى الوجود ثم يدفعها من النقص إلى الكمال، ولا يقا عنها إنها من خلق الله !!
ويتضح أن المذهبين بين كمال مطلق لا يعمل ولا يريد وبين كمال مطلق يوشك أن يكون هو والعدم المطلق على حد السواء !!
تعالى الله سبحانه وعز وجل عن وصفهم