خرج كعادته مهندم الثياب ، قد اشتكت المكواة من كثرة المرور على قميصه وبنطاله ، يفرق ما تبقى من شعره ، معطراً لحيته ، ولم ينس أن يأخذ معه كلمات أمه
أن أمن الدولة لن يتركه ، وإن عدت اليوم لن تعود غداً !!
لم يكن النوع الذى يتأثر بإستهزاء أو تهديد ، أو يتقلب بمزاجه بين حلق وإعفاء
- الأجرة يا شيخ
- لماذا شيختونى وأنا فى عز الشباب ؟!! ، قالها فى نفسه ولم يبدها لهم
فقد كان يبغض سائقى الميكروباص أكثر من بغضه لمخبرى أمن الدولة الذين لا يتركون أذن أباه
- قول لإبنك يمشى عدل ويبطل يشترى كتب ومجلات إحنا لحد دلوقتى مش عايزين نشده
وباءت كل محاولات الأب بالفشل فى إقناعه أن التدين ليس فى اللحية وعدد له أساتذة الأذهر والدعاة
- إنت يعنى حتبقى أحسن من عمرو خالد ؟!!
- أنا مباخدش دينى من عمرو ولا من غيره ، أنا باخد دينى من قال الله وقال الرسول
رأى من بعيد نقطة تفتيش وقد أخذت السيارات بالتوقف ولاحظ أحد الكروش ولا شك أنه كرش أمنى ، فردد فى نفسه
- ويل للعرب من شر قد اقترب
وقرأ المعوذتين ودعا دعوتين
- إنزل يلا ، قالها الكرش بمجرد أن فتح باب الميكروباص
أخرج بطاقته وعرضها عليه دون أن يسأل
- ما تنزل يا شيخ مش عايزين عطلة ، قالها أحد الركاب
وبعد محايلات وكلمات من عينة يا باشا لو سمحت بعد إذن سيادتك وحضرتك عندى إمتحان ومستقبلى حيضيع
- عدل ربنا إن أخدك بس مرجلة منى حسيبك ، إطلع يا روح أمك
أربعة أعوام مرت وكأنها لم تمر ، وأشياء حدثت ولكنها لم تحدث ، ومواقف كثرت ولكنه لم ينسى
وأصبح متأسلم إرهابياً
- يا ريت شيخ دامت
وأيقن أن الأمر ليس إنتماء والحكاية ليست فكر
الحكاية حكاية لحية