**إنها
الفوضى، انكسر فلك الأشياء وخرجت المألوفات عن مدارها لتسبح فى فضاء عشوائى لا اسم
له ولا حواف
** لا تره جزعك فلن يبكيك هكذا، لا يُبكى إلا شدة ثبات الرجال عند الموت
** أبراج المنارات الباحثة بضوئها عن سفن لم تعد تحتاج للضوء لكى ترسو ،
قلاع البحر التى تحمى شواطئا لم يعد يهاجمها أحد، الكراس الأسمنتية بغبار الملح
المتبقى من رذاذ الماء الجامع فوق مصدات الموج ، الألسنة الصخرية التى تغتال رغبة
البحر فى الانفراد بنفسه
** إنهم متطرفون فى كلا النقيضين ، عندما يكرهون فإنهم يقتلون ويخونون
ويكفرون، وعندما يحبون يضحون ويؤمنون ، يا بنى : تزوج من ساحلية تصحو كل صباح على
لمس شفتيها لقدميك وهى تقبلهما أو على لمس سكينها البارد على رقبتك وهى تذبحك
** جميعنا بدأنا بدايات مختلفة وانتهينا نهايات واحدة ، وما بين البداية
والنهاية – بعد أن انتهت طفولة واقعك – ستشبه حياتك وكأن أحداً كتبها لك ثم انصرف
دون أن يتمها ، قلم ملقى وصفحة بيضاء
** ما تعلمته بفعل محاولات النجاة المتكررة المضنية أن لا تغش ، ليس ورعاً
أو نقاء ، بل لأن الغش يزيد من معاناتك ليس إلا
** كل شئ فى هذا العالم يصبح سهلاً مع التكرار عدا الكذب على من يعلقون
آمالهم عليك
** ما كل هذا الوجع من التفاصيل التى تسكنك ، أهذا الذى يصل بالناس إلى
الشيخوخة ، الامتلاء بالتفاصيل الموجعة
** الانتظار الأسوأ على الإطلاق ، انتظار الصباح التالى لتحاول أن تصبح فيه
كما لم تستطيع أن تكون فى الصباح الذى سبقه
** لا تتعلم ، كل الصباحات متشابهة وكلها تحمل ما يرهقك
** توقفت عن الاستجابة لتودد الناس إليك فى المواصلات العامة ؛ لكى لا تجيب
عن أسئلتهم الفضولية بشأنك
** ليست الصلاة مرهقة مثل الدوران فى الشوراع ولا مكلفة بقدر المقاهى
والحدائق العامة
** لابد أن الميكروب يتألم هكذا عندما يدخل بين الخلايا الصحيحة ولعل هذا
سبب وحشيته .
** لا يقدم أحد ما شيئاً لوجه الله، هذا ما تعمله أيضاً من وادى الأفاعى .
** احترفت التحدث إلى نفسك أكثر مما تتحدث مع الأخرين ، الصمت أقل ضرراً من
الكلام
** لماذا خلق الله لنا أذنين وفماً واحداً ، الإجابة التقليدية : لنسمع
أكثر مما نتكلم ؟،لا، الإجابة الصحيحة ، ليعبر الكلام من ناحية إلى أخرى دون تأثير
، الدرس المستفاد : لا تسمع إلا ما تحتاجه .
** لا يقتنع أشرف بأغانى الرجال عن الحب ، الرجال لا يكونون مقنعين عنده
إلا عندما يقولون تواشيح أو أغانى حماسية أو قرآناً .
** الصلاة فى تلك المساجد شبهة أمنية ستظل ملتصقة بك طوال العمر ، يوماً ما
سيأتون ويدقون بابك ويأخذونك ، النهاية الطبيعية ، التطور الطبيعى من شخص عادى
لإرهابى أصولى تطارده الحكومة .
** دائماً هناك كلام لا يقال إلا بين اثنين .
** متحاشياً غضب الحكومة بالمشى جانب الحائط ، داخل الحائط إن لزم الأمر
** كنت تقول لنفسك لتطمئنها عندما تتعرض لزلزال أخلاقى إنه لا يوجد فى
الدين شئ لا تفهمه، الدين نزل على بدو الصحراء ولم يعقدوا حياتهم ، كل تلك الكتب
والمجلدات تحصيل حاصل
** أطنان ورقية من المواقف التى حدثت والأقوال التى قيلت والأعمار التى
أفنيت فى تفسيرها لأذكياء الرجال، اختلاف الأفهام حول تفسيرها لم يكن اختلافاً
اعتباطياً
** تحاول أن تقنعه بأن هذا الحب مزيف ، إنها الدهشة من واقع بيئة مغاير
لبيئتهم، إنها روح الفرحة الجماعية للمنهكين بعد الوصول، مفاجأة الهدايا التى
يهبها لهم البحر ولا يستطيع أن يهبها إلا للغرباء المؤقتين، إن البحر يتزين
للزائرين؛ لأنهم سيدفعون الثمن
** لو استمر معها فسيكون حبه لها مثل حبه للبحر، محض تقمص لمشاعر الغرباء
** هل هذا هو السبب الذى يجعل الرجال يسمحون لزوجاتهم بالنزول إلى البحر
بتلك الملابس الفاضحة فى شاطئ ملئ بالرجال، إنهم يغذون علاقاتهم الزوجية بنظرات
الأخرين المعجبة إلى زوجاتهم، إن ما بينك وبين البحر كراهية الغيرة لمحبوبة تهب
نفسها للجميع بغير حساب
** لا أعلم لماذا تصر على تعقيد علاقاتك مع الأخرين، أنت تشبه هؤلاء
الريفين الذين يصرون على السباحة بملابسهم الكاملة فى البحر ، يجب أن تعترف بأنك
غريب ؛ لأنه مهما كانت مهارتك فى تعديل مشاعرك بتلك الطريقة ستغرق يوماً ما
** هناك أشياء يجب أن تؤمن بها دون تفكير كما يؤمن بها الأخرون ، كل هؤلاء
الناس ليسوا عبثاً، عندما يتحركون إلى ناحية ما تحرك معهم، عندما يخلعون ملابسهم
لنزول البحر لا تصر على ملابسك الكاملة وإلا غرقت، ليس كل شئ يجب أن نصدقه ونعيشه
موجوداً فى تلك الكتب التى تقرؤها
** أن تتوقف عن الكلام على موضوع بعينه، أن تبعده من أن يظهر خلف نافذتى
عينيك، تخبئه كلقيط من أفكارك، ذلك لا يعنى أنك نسيته أو أنك لا ترغب فى أن تفعله
، ذلك يعنى أنه أكثر شئ تود أن تفعله فى تلك اللحظة
** إن الأفعال الكبيرة لا يقوم بها أناس مثلك ، أنت رجل الأفعال الصغيرة
التى يقوم بها الناس العاديون دون أمل لهم فى عمل واحد كبير
** كل أبناء واديك الذين حلموا بدور فى هذا العالم بحثوا عن الانتماء الذى
يوفر تلك الفرصة لهم دون احتكاكات مؤلمة، ودون مخاطر الضياع فى المياه المفتوحة
** ما أجمل موت الأشجار الذى لا ينتبه له أحد، مات سليمان النبى بتلك
الطريقة ..واقفاً ، وتتمنى لنفسك الأن موتاً مشابهاً
** إذا عجزت عن تخمين المكان الذى أنت نائم فيه فاعلم أن الشيخوخة قد
أدركتك
** إن الروائح تدل على الأشياء أكثر من الأصوات والرؤى
** الكلب الذى عقرنى لأنى آمنت بمقولة أن الكلب الذى ينبح لا يعض
** أعطتنى الأحلام أكثر مما يمكن أن يعطيه لى الواقع
** أيام الفرح متشابهة أما أيام الحزن فلا يأتى يوم إلا مختلف عن سابقيه
** يوم الثلاثاء عفريت الأسبوع لأنه بمجرد أن يأتى ويمر وكأن الأسبوع كله
قد مر
** تعود مرهقاً كل مساء وتنام كقطعة صخر تغوص فى الماء حتى ترتطم بالصباح
دون حلم واحد تتذكره
** في طابور المعزين وقف إلى جانبي أشخاص مستعارون كأقرباء لا تجمعنى بهم
إلا علاقة الدم، متصنعين الحزن كأحسن ما يكون، لكن الفارق بين حزنى وحزنهم هو تهدل
الأكتاف، إنه ذلك الثقل غير المرئى الذى لا يستطيع أن يقلده الحزانى المستعارون.
** كنت أمتلك دقة أنف امرأة فى شهور الحمل الأولى تجاه الروائح
** تحاول العثور على كلمات لم يهتد
إليها البشر بعد فى لغاتهم للتعبير عن آلام توجد فى عمق لم يتألم منه البشر من قبل
** طوبى للصامتين، كل هؤلاء الصامتين حولك سيدخلون الجنة دون أن تنقص
أجورهم الشكوى والبوح، تظل الجنة الجائزة النهائية للأكثر صمتاً
** لا تمتلئ المكتبات العامة إلا بالكتب التى لا تُقرأ ولا توجد كتب صالحة
للقراءة سوى تلك التى تُشترى، ولا أملك المال الكافى لشراء كل ما أريد أن أقرأه
** لم تكن دور النشر قد أتقنت بعد حيلتها الخاصة المعروفة بتغليف الكتب،
ظاهرها الحفاظ على جلد الكتاب وباطنها تفويت الفرصة على المعسرين أمثالى لتصفح
الكتاب
** وبغض النظر عن الكتابة، ربما ماتت أيضاً رغبتك فى القراءة وكأن هذا الكم
الهائل من الكتب أصابك بالتخمة، ما الذى ستضيفه إلي العالم زيادة عما أضافته كل
هذه الكتب
** لا يستعر القتال إلا فى الصفوف الأولى، وأن الطليعة هى التى تتحطم فى
بداية التصادم، لذا كنت فى الخلف دائماً، صار منهج حياتك أن تكون فى الخلف
** لا يُداس على ظل المعلم احتراماً له فى الثقافة اليابانية، هل سأفوز
بأيام إضافية فوق أيام عمرى إذا لم أسمح لأحد بأن يدوس على ظلي؟!
** كان مليئاً بالكدمات مثلك ولكن من الداخل، يختلف موضع الكدمات فيختلف
نبل ألمها ويختلف المصير
** اعتقالات عشوائية من محطات الباص وسيارات الأجرة ومن أمام فتحات الخروج
من المترو، اعتقال لمجرد الشك، ولم تكن مزحة ولا خرافة، يمكنك أن تسير فى أى مدينة
غريبة دون بطاقة هويتك، لا تتحسس وجودها فى جيب قميصك قبل خروجك بل تتحسس الشعرات
النابتة على ذقنك فهى الخطر الوحيد ألا تعود لأهلك مرة أخرى
** كانت ستكون السنة الأخيرة لى فى الجامعة، بعدها سأواجه منحدر العالم
عارياً بعد كل هذه السنوات من الصعود المخادع فى التعليم الحكومى
** الذهاب أم التجاهل، ليسا طريقين، كان أحدهما هوة مظلمة مميتة والأخر سلم
زلق متداع إليها، لا تختلف النهاية ولكن تختلف حالة جسدك الذى ستصل به
** وما زلت أبيض نقياً لم يتغير فيك سوى أن الخوف قد لوثك للأبد
** إنها على غير عادة كل النضيرات فى مخيلتك تشرب الشاى، تشربه حتى
الثمالةالمُرة فتنتابها القشعريرة من مرارتها وترتعد وهى تزم فمها
** ما فائدة كل الذكريات السعيدة إذا كانت قد طارت عن خلايا جسدك المشحونة
بها
** دعك منها ومن تلك الأخرى التى أتت بها لك لتتزوجها فلا يختلف جسد عن
جسد، أيها الواهم ولو كن نساء، كلهن يذهبن للكنيف كما تذهب أنت، حتى النضيرة صاحبة
اللحم البلورى
** هى الغربة عندما تشعر أن الأكتاف التى تصطدم بك فى الإتجاه المخالف فى
كل لحظة تمر عليك فى حياتك أكثر بكثير جداً من كل الأيدى التى تُربت على كتفك من
الخلف بود
** ما الذى يظنه هؤلاء الناس؟ ليست الانتماءات ملابس تُرتدى وتُخلع، لا
تدعك مصباح جسدك السحرى فتنبت لك علامات انتماءات تضعك على رفوفهم
** لن أربي شعر وجهى كما تفعلون، ولا أريد زوجة تتعوذ من الشيطان الرجيم
كلما نظرت إلى وجهي الأملس.
** ما الفارق بين وضعية الإنسان العطش عندما ينحنى ليشرب من ماء النهر، وأن
تكون هناك فوق رأسه يد تغمسه فيه فتخنقه؟؟
** النهايات نمطية مهما كان نُبل البدايات
** الزواج قسمة ونصيب، ستذهب لتراها ولن تعجبك ومن ثم سترفض وتعود إلى
قواعدك الأولى، تعود إلى أوهامك وإلى نضيرتك
** لم يلتزموا بالبروتوكول المعروف المعتاد، دخلت هى فارغة اليد، زوجتك
المستقبلية، بخطوات كخطوات الرجال، ها هى قد كفتك مؤنة ادّعاء أنها لم تعجبك، لن
تتزوج رجلاً على أية حال، كان هذا قبل أن ترفع نقابها الأسود وترى وجهها فتقررك لن
يكون هذا لقاءً أخيراً
** إنها تحب الأغانى ولكنها تخاف من ذنب سماعها، هذا سبب كافٍ فى رأيك
لتدخل الجنة
** الهنود يشبهون شخصاً واحداً هندياً، اليبانيون يشبهون شخصاً واحداً
يابانياً، والملتحون يشبهون شخصاً واحداً ملتحياً.
** وكأن من الطبيعى أن يدفع التطرف فى الفكر لوضع قنبلة أكثر مما يدفع
الاغتصاب، وكأن الانتهاك وضع طبيعى يدفع للانزواء أكثر مما يدفع للهجوم والانتقام
** إن ارتعاش الأيدى ليس إلا عارضاً إستثنائياً لمخالفتهم طبائع البشر، كما
تسقط أسنان افراد القبائل الآكلة للحوم فى سن مبكرة
** فى العالم الذى أعيش فيه أندم على قرارات كثيرة اتخذتها فى وقت معين
كانت فيه الأمور توحى بصحتها، اكتشافك لهذا الخطأ يضعك أمام خيارين، إما أن تخبر الأخرين
فتمنع مفاسد آتية أو تصمت وليس كل الصمت حينها من خرس الشياطين
** إن التأييد السماوى لا يكون إلا فى مراحل قليلة خلال الطريق، رغم أنك فى
اختبار دائم لا ينقطع، والنهايات ليست رهينة بأدائك الكلى، قد تأتى النهاية لحظة
من لحظات الخذلان فينتهى كل شئ
** قوة الدولة أم قوة المذهب؟
هناك ارتباط دائم بين الاثنين، قوة الدولة تعنى شيخوخة المذهب الذى تحتضنه
**فقدت مع مرور الوقت القدرة على القلق من الأشياء التى كنت قلقاً منها فى
بداية الأمر
** لا يسألون إلا السؤال الواحد المعتاد .. ليس عن شكل العذاب الذى
ينتظرهم، ليس عن الوقت الذى يستغرقونه فى الحبس، بل عنها، يسألون أول ما يسألون
عنها، كان علينا فى كل مرة أن نجيب عن سؤال واحد متكرر لدرجة مزعجة: " هل من
ضمن طرق التعذيب أنهم يحلقون اللحى بدايةً كنوع من الإذلال ؟ هل يحلقون اللحى
غصباً كما سمعنا"؟؟
** مجتمع الأدباء الشبيهين بى لن يقبلوا بى، لا أفكارى ولا شكلى، لا ظاهرى
ولا باطنى، وكل محاولاتى فى إقناعهم ستكون أشبه بمحاولة صديق لى كان يحاول أن يكتب
كتاباً عن اللحية يعتمد كله على فكرة تأثير الملابس الفلكلورية فى سلوك الشعوب، مع
الوقت سأجد نفسى منبوذاً من الطرفين، مضطراً لأن أنحاز فى وقت من الأوقات، حينذاك
سأشعر بمدى الغربة التى وضعت نفسى فيها
** هل يجب أن نقرأ تحت سيطرة أيديولوجيات خاصة لنفهم أم يجب أن نتحرر منها
قبل أن نقرأ لنصل إلى الفهم الصحيح المطلق؟
** لم يتركك الأمل أنك يوماً ستجده، تتحدث معه، هو شبيهك، جزءك الآخر، ربما
لا تراه؛ لأن ظهره التصق بظهرك أول لقائكما معاً فى معركة واحدة تحاربان فيها نفس
الأشباح، تتسليان بالثرثرة عبر صفحات مطوية واحدة كما يتسلى المحاربان وقد خلا
عليهما ميدان الحرب فى نهاية معركتهما وأحاط بهما الأعداء من الجانبين بذكر
بطولاتهما القديمة, لا ريب أن النهاية ستكون واحدة، لا ريب أن نفس الرمح الذى
سيطعنه سينفذ عبرك، رمح الغربة
** اطمئن لن تموت بسبب الأرق، حالتك ليست كاملة فجسدك نائم ولكن عقلك هو من
يأبى .. والعقل عندما يمرض لا يموت الجسد
** لا تبحث عن المتناقضات فيمن حولك ، سيرهقك ذلك، ابحث عن التشابه
** كيف يصبح أشخاص بعينهم هباءً منثوراً بعد أن كانوا يملأون سمعى وبصرى،
وكيف يكتسب أشخاص آخرون أهمية مفاجئة ووجوداً خاصاً بعد أن كانوا لا شئ
** ما زلت سيئ الإعتقاد تجاه أمناء المكاتب، انقرض أمناء المكتبة الودودون
كما انقرضت الديناصورات، حتى فى مكاتب الاستعارة المجانية، يتعاملون معك فى
استعارة الكتب كأنك تقطع من جلدهم الخاص، بالإضافة إلى ذلك لابد أنهم يكرهون
القراءة كنوع من التفاعل البيولوجى مع مفردات بيئتهم، مرضى السكر يعملون فى محال
الحلويات، النحيفون فاقدوا الشهية يعملون فى المطاعم، أمناء المكتبة يكرهون الكتب
وقارئيها
** هل يمكن أن يأتى اليوم الذى نتوقف فيه عن الحركة؛ لأن فضاء الأماكن من
حولنا قد تلوث بآثار الموتى، نظل ندور حولها كما ندور حول شواهد قبورهم لئلا ندوس
عليها مخافة الأثم وذنب النسيان، لهذا السبب لسنا خالدين ؟، يأتى من بعدنا من
يتحلى بالنسيان فيعودون للحركة مجدداً وكأن شيئاً لم يحدث
** أعنى لنفسى أكثر مما تتحمله كل الصباحات التى لم أستطع فيها عند شروق
الشمس أن أكون كما ينبغى أن أكون، فكنت كما يريد الآخرون أن أكونه
** أريد بذلك أن أعنى لنفسى أكثر من أن يتخلف عنى بضع غازات متطايرة
وجرامات من مكونات معدنية تمتصها نباتات تربتى، عنيت لنفسى أكثر من أن أفنى
ببساطة، لذا أنا هنا الآن.. لألعب لعبة الكتابة كعادة سيئة لا أنفك عنها
** قناعاته وقناعات الأخرين التى لا يكذبها ولا يدعى تصديقها
** تهاجمنى الكلمات فتؤرقنى ثم لا أجد لها أثراً بعد أن أنهض وأضئ شاشة
الكمبيوتر
** قد استأنف فى الصباح حكايتى بسرد علاقتى مع الكتب، عشقى للأوراق وإختلاف
ألوانها حسب قدمها كما تتغير بشرة الأحياء بمرور الزمن، هذا كتاب عجوز وهذا كتاب
شاب، عشقى لرائحة الكتب المطبوعة الجديدة كما أعشق رائحة أول تبلل لتراب الصيف
بأول المطر، كما أعشق رائحة بشرة الأطفال الصغار وزغب الطيور، كما أعشق رائحة
القمح المطحون لتوه والأرز الذى فرك غلافه ولم يزل دافئاً فواحاً
** تكتفى بزيارة من وقت لأخر متعللة بتنفيض التراب من فوق الأثاث وإنما هى
للبكاء والتذكر
** ثلاثون سنة لم تكن مخيراً فى يوم فيها سوى فى اختيار الجانب الذى ترقد
عليه لتنام إن ملكت رفاهية التقلب بعد تعب يوم طويل
**توهب الأصوات لسرد الحقائق وتُنتزع عندما تكف عن التفوه بها، ما الحقيقة
التى يمكنك أن تتفوه بها فى وجه من يدعون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة
** يا مُعلمى، أخبرتنى بأن الأسفنجة ما لم تمتلئ بالماء فلت تُعتصر، وأن
المرء ما لم يعرف الكثير أو يلوح براية فى مقدمات الصفوف فلن يكون هدفاً للرمى،
ولكنك لم تعلمنى كيف أدفع عنى نهش الكلاب دون أن تمتلئ يدى بالعظام العفنة التى
ألقيها لأفواههم المُزبدة بلعاب الجوع لأسكتهم سوى أن تكون عظامى أنا!
** لم تجعل البيوت إلا للراحة لا لتقليب الفكر على جمر القلق
** أطنان من الكتب التى تكفى صفحاتها لتغطى سطح الأرض مرتين ولا تكفى لتغطى
متراً واحداً من الواقع العارى، لا تكفى لإنبات شعرة واحدة من شعر المرأة التى
انتهكت بنفس قناعاتها القديمة ولا لدفع البرد إلى الوجوه الملتهبة بالصفع
** لم أكن أحد بحارتك المفضلين، كنت أحد ركاب سفينتك المؤقتين، لا تخبروهم،
لن يحدث لهم شئ، يكفى الفزع لن يقلب السفينة رأساً على عقب
** لأعرف –فقط من خلال رؤيتك- أن المدار لم ينكسر وأن الأرض التى نقف عليها
ليست تبناً فوق ماء عميق مظلم ينتظرنا الموت فى قاعه أفواهاً مفتوحة نهمة
** سيظل كل شئ ثابتاً؛ لأن ما ذهب لن يعود.. لأن المدار انكسر ولن يعود،
تفقد دهشة الرؤية الأولى.. لأن ما يمر أمام عينيك لا يمر على الحقيقة ، وإنما هى
ذبذبة واهية كأن شيئاً ما سقط وانحشر بين تروس صندوق الدنيا الهائل فأفسد حركة
تسلسل الصور فيه
** ضع كل أصابعك فى أذنيك وأمض ، أمض.. فلئن تمضى وأنت تحسن النية بالأخرين
خير من أن تمضى وأنت تلعنهم، ما أجمل القلوب الخالية من الحقد