يقول الإمام الجرجاني أبو الحسن رحمه الله تعالى:
يَقُولــونَ لِيْ فِيْكَ انْقِبَــــاضٌ وَإِنَّمــــا .. ... .. رَأَوا رَجلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَن دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهمْ .. ... .. وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَــا
وَلَمْ أَقْضِ حَــقَّ العِلْمِ إِنْ كنت كُلَّمَـــا .. ... .. بَدَا طَمَـــعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّــــمَا
وما زلتُ مُنحــــازًا بعرضــــي جانبــــا .. ... .. عن الذل أعتَدُّ الصيانةَ مَغنَـــما
إذا قِيلَ: هــــذا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَــــدْ أَرَى .. ... .. وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّـمَا
أنزهــــها عن بعض ما لا يشينـــــــها .. ... .. مخافةَ أقوالِ العِــدا فيمَ أو لما؟
فأُصــبحُ عن عيْب اللــئيم مُسَلَّمـــــا .. ... .. وقد رحتُ في نفسِ الكريم معظَّما
وإنِّــي إذا مــا فاتني الأمـــرُ لــمْ أبِتْ .. ... .. أقلب كفِّـــي إثــــره متــــندما
ولكــــنه إنْ جـــــاء عـَـْفــــوا قبــــلته .. ... .. وإن مـال لم أتبعه هـــلَّا وليتما
وأقبض خَطـْـــوي عن حظــوظٍ كثيــرةٍ .. ... .. إذا لم أنلها وافرَ العِرض مُكْرَمـا
وأُكــــرِم نفسيَ أن أُضــاحِك عابســًا .. ... .. وأن أَتلقــَّـى بالمــديح مُذَمَّـما
وكم طــالبٍ رقِّـــــي بنُعْمــاه لم يصل .. ... .. إليه وإن كان الرئيسَ المعَظِّما
وكم نعمةٍ كانت على الحُــــر نقمـــةً .. ... .. وكم مغنمٍ يعـتَدُّه الحرُّ مَغـرما
ولم أبتـذِل في خدمة العلــم مهجتي .. ... .. لأخدِم من لاقيت لكن لأُخْدَما
أأشقــى به غَرْسًـــا وأجنــيه ذِلــــــةً .. ... .. إذا فاتباعُ الجهلِ قد كان أحزَما
وإني لـــراضٍ عـن فتـًـــى متعـــــففٍ .. ... .. يروح ويغدو ليس يملك درهـمًا
يبيتُ يراعِـــي النجــمَ من سوءِ حالِه .. ... .. ويصبحُ طَــلْقا ضـاحكا متبسما
ولا يســـأل المُثْـــرين ما بأكـــفِّـــهم .. ... .. ولو ماتَ جُوعا عِفَّــةً وتكــــرُّما
فإن قلت: "زَنــــدُ العِلمِ كابٍ"،فإنمـــا .. ... .كبا حين لم نَحرُسْ حِماهُ وأظلَما
ولو أنّ أهـــــلَ العلــمِ صــانوه صانهم .. ... .. ولو عظَّموه في النفوسِ لعظما
ولكن أهـــانوهُ فهـــانوا ودنَّـســــــــوا .. ... .. مُحـَيــَّاهُ بالأطماع حتى تجَـهَّما
وما كل بــــرقٍ لاحَ لـــــي يستفِزنـي.. ... .. ولا كل مَن لاقَيتُ أرضاه مُنعـِما
ولكن إذا ما اضــطرني الضُّـــر لم أبت .. ... .. أقلبُ فكــري مُنْجِدًا ثم مُتْهِـما
إلى أن أرى مـــا لا أَغَـــــصُّ بذِكـْـــره .. ... .. إذا قلتُُ قد أسْدى إليَّ وأنعَـما
كان السلف من أهل العلم يأمرون طلابهم بحفظ هذه القصيدة وفهم معانيها والعمل بها .