لا شك أن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه مما لا يجوز شرعاً لقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الطبرانى من حديث معقل بن يسار أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - " إنى لا أصافح النساء " رواه مالك وأحمد والنسائى
وعن أم المؤمنيين عائشة - رضى الله عنها - قالت : " والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط "
وبرغم ما يجوز للنبى من الخلوة والنظر مما يحرم على غيره من أفراد أمته لقوله تعالى : " النبى أولى بالمؤمنيين من أنفسهم " ، برغم ذلك قالها صريحة بأنه لا يصافح النساء ، فغيره أولى بالامتناع عن ذلك، لمكان الريبة والفتنة في حقه
ولقوله تعالى " لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر "
هذا الأمر لا خلاف فيه إلا من بعض الأقوال المرجوحة ، ومما عمت به البلوى إنتشار هذا الفعل بين المسلمين ، بل وإتهام من ينكره بالتشدد وسوء النية وعدم الثقة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وهنا يأتى السؤال ، هل لمس المرأة بمصافحتها ينقض الوضوء ؟!!!
هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء :
الأول : أن لمس المرأة ناقض للوضوء مطلقاً ، وهو مذهب الشافعية ووافقه ابن حزم ، وهو قول ابن مسعود وابن عمر .
الثانى : أنه لا ينقض مطلقاً ، وهو مذهب أبى حنيفة ، وهو قول ابن عباس وطاوس والحسن وعطاء ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح .
الثالث : أن المس ينقض إذا كان بشهوة ، وهو مذهب مالك والمشهور عن أحمد .
وعمدة ما استدل به القائلون بنقض الوضوء من مس المرأة ، قوله تعالى : " أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا " ، وصح عن ابن مسعود وابن عمر أن المس ما دون الجماع .
لكن خالفهما فى الرأى ابن عباس فقال : " المس واللمس والمباشرة : الجماع ولكن الله يكنى ما شاء بما شاء " ، ولا شك أن تفسيره مقدم على غيره .
أما من استدل بالأحاديث السابقة ، فلا حجة له لأنه ليس كل ما لا يجوز يكون ناقضاً للوضوء !!!
وفى الحديث الذى رواه النسائى عن عائشة قالت : " كنت أنام بين يدى رسول الله ورجلاى فى قبلته ، فإذا سجد غمزنى فقبضت رجلى ، فإذا قام بسطتها " .
وأما القول بالنقض بشهوة وعدمه بدونها فلا برهان عليه ، لكن قد يقال : إن أفضى المس بشهوة إلى إنزال فهنا وجب الغسل ، وإن توضأ من المس بشهوة فهو حسن لإطفاء الشهوة كما يستحب الوضوء من الغضب لإطفائه ، وأما وجوبه فلا ، والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق