الصغر هو وصف يلحق بالإنسان منذ الولادة حتى البلوغ ، فإذا بلغ المرء الحلم
أصبح مكلفاً شرعاً ولم يعد صغيراً
والدليل علي ذلك قوله تعالي : " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم
فليستأذنوا " ، فإن لم يكونوا كباراً مدركين ، فما العبرة بالإستئذان ؟!!
وزواج الصغيرة من الأمور التي يكثر الكلام فيها بعلم وبغير علم ولا هدى ، لذا أحببت أن ألقي الضوء عن شئ من فقه هذا الزواج وهو يندرج تحت مسألتين :
الأولي : العقد عليها
الثانية : الإستمتاع بها والنكاح
أما العقد عليها فأكثر أهل العلم علي صحته ومن أدلتهم قوله تعالى : " وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ
مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي
لَمْ يَحِضْنَ "، ووجه الاستدلال بالآية أن الله تعالى ذكر عدة المطلقة
الصغيرة قبل الحيض ، وهذا يعني أنها غير بالغة
وأما من قال عدم الصحة فاستدلوا بقوله تعالى : " حتى إذا بلغوا النكاح
" وهذا يدل علي أن للنكاح مبلغ يبلغه الرجال والنساء ، ويرد على ذلك أنه يقصد به الجماع
والوطء لا العقد .
وعليه فجمهور العلماء يصححون العقد علي الصغيرة ولكن يستحبون أن ينتظر والدها
بلوغها حتى يستئذتها ، قال ابن عثيمين – رحمه الله - : " البكر لا تزوج حتي تكون أهلاً
للإستئذان لقول النبي – صلي الله عليه وسلم - : ( لا تنكح البكر حتى تستأذن ) ،
والمرأة دون البلوغ ليس لها إذن معتبر لأنها ما تعرف عن النكاح شيئاً ، فقد تأذن
وهي تدري وقد لا تأذن لأنها لا تدري ، وقد يري وليّ المرأة تزويجها لرجل كفء إذا
علم في ذلك مصلحة لها أو خشي إنتقال ولايتها إلي غيره ممن لا يتقي الله فيها ولكن
لها الخيار إذا كبرت أن ترضي بالزوج أو لا ترضي ، وإذا كان الأمر كذلك فالسلامة
ألا يزوجها حتي تبلغ النكاح "
وإنكاح الصغيرة إنما هو مراعاة لمصلحتها لا لمجرد
رغبة والدها ، ونص أهل العلم علي بطلان الزواج إذا لم يراعى فيه مصلحة الصغيرة ،
وعلى القاضي فسخه ، قال الشوكاني : " أما مع عدم المصلحة المعتبرة ، فليس للنكاح انعقاد
من الأصل ، فيجوز للحاكم بل يجب عليه التفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها ، ولها
الفرار متى شاءت ، سواء بلغت التكليف أم لم تبلغ ، ما لم يقع منها الرضا بعد
تكليفها "
ومما يحسن ذكره في الدلالة على مراعاة الوالد لمصلحة ابنته ، حديث بريدة
قال : " خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة ، فقال رسول الله – صلي الله
عليه وسلم - : إنها صغيرة ، فخطبها علي فزوجها منه " رواه النسائي وصححه
الألباني
وأما المسألة الثانية وهي مسألة وطء الصغيرة أو الدخول بها ، فقد نص أكثر
أهل العلم علي أن الصغر الذي لا تطيق معه الوطء مانع من موانع تسليمها لزوجها
قال النووي: أما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها،
فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عمل به. وإن اختلفا فقال
أحمد وأبو عبيد: تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك والشافعي وأبو
حنيفة: حد ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهن ولا يضبط بسن. وهذا هو الصحيح.
ودخول النبي صلى الله عليه وسلم بأمنا عائشة كان بعد بلوغها هذا المبلغ، ولذلك تأخر بعد
العقد عليها بنحو ثلاث سنوات، كما في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم "تزوجها
وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين".
وهنا نؤكد على أن الصغر الذي هو مانع من
التسليم ليس هو الصغر المقابل للبلوغ، وإنما هو بمعنى عدم القدرة على الوطء.
قال النووي في (روضة
الطالبين): المراد بالصغيرة والصغير من لا يتأتى جماعه، وبالكبير من يتأتى
منه الجماع، ويدخل فيه المراهق
وبهذا يتبين أن الدخول بالصغيرة منوط بقدرتها على الوطء، لا بمجرد العقد،
والقاعدة الكلية في ذلك هي قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
وهذه إحدى القواعد الكلية الخمسة التي ينبني عليها الفقه الإسلامي، فمتى
ثبت الضرر ثبوتا شرعيا، فقد جاء الشرع الحنيف بإزالته ومنعه. ولذلك ينبغي ضبط
أنواع الاستمتاع بما دون الوطء بعدم المضرة أيضا، وذلك بكون البنت مطيقة وأهلاً
له، فقد يبلغ بها الصغر أن يمنع الاستماع بها بالكلية، ويعد اشتهاؤها من الأمور
الشاذة الخارجة عن المعتاد، كالطفلة غير المميزة، ولذلك لا يحرم النظر إلى عورتها
وهاهنا أمر آخر ينبغي مراعاته لا سيما في أمر الزواج، وهو العرف، فإن
اطَّرد باستهجان الاستمتاع بالزوجة الصغيرة التي لا تدرك ولا تميز، فينبغي مراعاة
ذلك، فلا تسلم الزوجة قبل إدراكها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى
العرف، فليس العرف أن المرأة تسلم إليه صغيرة، ولا يستحق ذلك لعدم التمكن من الانتفاع.
وبهذا نلخص جواز الصغيرة في عدة نقاط :
أولاً : لا يجوز لغير الأباء تزويج البنت الصغيرة
قال الشافعي – رحمه الله - : " وليس لأحدٍ غير الآباء أن يزوج بكراً
ولا ثيباً صغيرة لا بإذنها ولا بغير إذنها ، ولا يزوج واحدة منهما حتى تبلغ فتأذن
في نفسها ، وإن زوَّجها أحد غير الآباء صغيرة : فالنكاح مفسوخ ولا يتوارثان ولا
يقع عليها طلاق وحكمه حكم النكاح الفاسد في جميع أمره لا يقع به طلاق ولا ميراث
"
ثانياً : لا يعني جواز نكاحها أن تسلَّم لزوجها ، بل
لا يفعل ذلك إلا عندما تصلح للوطء .
ثالثاً : لا علاقة
للبلوغ بالجماع بل حينما تكون صالحة للوطء فإنه يجوز لزوجها وطؤها .
وعليه : فإذا عقد للزوجة غير أبيها كعمها أو جدها
أو أخيها فالنكاح غير صحيح ، وإذا كان التزويج لأجل مصلحة الأب أو أحد غير
الزوجة فالعقد غير صحيح ، ولا يحل تسليمها لزوجها قبل أن تكون صالحة للوطء ، ولا
يشترط أن يكون ذلك بعد بلوغها بل يمكن أن يكون قبل ذلك
ونحن المسلمون لا نسأل عن الحكمة من وراء الشرائع ، فإن ظهرت لنا جلية فهمناها ووعيناها ، وإن لم تظهر سلمنا أمورنا كلها لله طائعين غير عاصين ، ومما يظهر من حكمة في إباحة العقد علي الصغيرة ما قاله الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الجبرين – حفظه الله - : " من المعلوم
أن الكفء عزيز وجوده ، وقد يكون هناك حاجة ماسة للصغيرة تقتضي تزويجها في وقت من
الأوقات ، كأن تكون في زمان أو مكان كثرت فيه الفتن ، أو يكون والدها فقيراً
معدَماً ، أو عاجزاً عن الكسب أو عن رعاية أسرته لأي سبب من الأسباب ، فتحتاج
الصغيرة إلى من يحفظها ويصونها وينفق عليها ، ولذلك فإنه من المصلحة للصغيرة أن
يُعطى مَن لديه الحرص على مصلحتها والشفقة عليها كأبيها الحق في تزويجها مَن يرى
أن مصلحتها في الزواج منه ، وعدم تضييع وتفويت الكفء الذي لا يوجد في كل وقت ،
والذي يحصل لها غالباً بزواجها منه مصالح كثيرة في حاضرها ومستقبلها في دينها
ومعيشتها وغير ذلك "
جزاكم الله خيرا
ردحذفوجزاكم
حذفنورتى
جزاك الله خيرا اخى
ردحذفوشكرا على المعلومات الفقهيه الرائعه بخصوص موضوع زواج الصغيره
للاسف الموضوع ده منتشر فى بعض القرى بشكل مستفز وانا من رأيى حتى لو البنت وصلت للبلوغ المفروض اهلها يستنوا عليها شويه لانها اكيد غير مؤهله للزواج وتحمل مسئوليه وبيت اسره واولاد
لكن كتير اوى من الرجال خصوصا الكبار فى السن بيصروا على الزواج من البنات فى السن الصغير ده وربنا يهديهم
فعلا الموضوع منتشر بس مش فى الريف بس
حذفده بعض القرى البنات بتوصل التلاتين !!!
وزواج البنت كما قلت موكول لأبيها أو وليّ أمرها
فى تحديد استطاعتها من عدمه فى تحمل الزواج
ولكن يبقي أن نقول أن زواج البنت صغيرة ليس حراما فى العموم
وأن كل حالة تختلف حسب طبيعتها
نورتي
جزاك الله خيرًا على هذا المقال ، وإن كنت سمعت بعض التفسيرات الخاصة بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها وأنه تزوجها وهي في الثامنة عشر من عمرها وليس تسع سنوات ، وهناك الكثير من العلماء والمشايخ يؤكدون ذلك ، عامًة الأمر فيه خلاف وإن كنت ضد زواج الصغار في مثل هذا السن ثماني أو تسع سنوات .
ردحذفوجزاكي
حذفقديما كانت النساء تبلغ مبلغ الزواج في سن مبكر
اسألي جدتك مثلا في عمر كم تزوجت ؟
غير أختلاف الزمان فهناك اختلاف المكان
فبنات الجزيرة ينمو أجسادهن أسرع من بنات شمال أفريقيا مثلا
وكما قلت أن الأمر موكول لأبيها ليحدد مدى استطاعتها حتى وإن بلغت
أما السيدة عائشة فقد حدثت عن نفسها
أنها كانت ضعيفة حين عقد عليها رسول الله
فسمنتها والدتها حتى أصبحت أحسن ما يكون السمن
بمعني أنها بلغت مبلغ النساء وهذا كان متعارف عليه فى هذه الأيام
نورتي
كلام مهم
ردحذفجزاك الله خيرا
وجزاك
حذفنورت