إذا كنت من قراء الروايات فلا تكاد ترى عمل روائي إلا وتجده متضمن لذكر علاقة جنسية سواء بتعفف فعرج عليها سريعاً ، أو بذكر كافة التفاصيل ، فإن خلا من ذلك كله لا تخلو من وصف مفاتن امرأة من نساء الرواية، حتى ظننت فى فترة من الفترات أن ذلك من بنية الرواية العربية .
وأصبح ضابط نجاح الرواية عندي ألا تتمحور الرواية حول تلك العلاقة ، وإن سألني أحد أقول أن الجنس فى بنية الرواية العربية منذ نشأت وأذكر الضابط الذي صنعته لنفسي .
ولكن وقفت مع نفسي منذ فترة وسألتها
هل الجنس من صلب الرواية وتتمحور الرواية حوله ؟!!
أم أنه حدث عرضي إن حذفته لن يضر بالأحداث ؟!!
فإن كان الأول فبأس الرواية ، وإن كان الثاني فلا يضر حذفه فلما وجوده ؟!!
وإن كان لابد من الجنس فى تسلسل أحداث الرواية ، فلما لا يقول المؤلف :
" نام معها أو قضى ليلته فى غرفتها أو مارسا فعل الحب "
ما الفائدة التى تعم على القارئ حينما يتفنن الكاتب فى وصف العلاقة ؟!!
فتجده يصف جسد المرأة ، كيف نهودها وكيف ظهرها ، ويصف العلاقة كيف احتضنها وقبلها ، بل وصل الأمر عند بعضهم لوصف كيف ذكر الرجل وبأي وضع جامع به المرأة ، حتى تقف مدهشاً فاغر فاك !!
فإننها أقرب إلى فيلم " بورن " منها إلى الرواية !!
وفعلو ذلك عمداً لجذب جمهور " حيحان " من شباب القراء ! ... وليس ذلك بغريب ، بل الغرابة أن تجد على الرواية رأى لكاتب كبير يثق الناس في رأيه ، يشكر فى بنية الرواية وتركيبها ، وعليه تباع " شبه الرواية " بألاف النسخ ليصبح " شبيه الكاتب " من الأغنياء .
ولا مانع من قرشين للكاتب الكبير اللي تعب نفسه وكتب كلمتين دون أن يقرأ ، ولا عجب فتبعاً لكلماته تحصد الرواية الجوائز لا على جودتها وبنيتها الروائية .
وتظل تطبع الروايات وتحقق أعلى الأرباح ما دام هناك قراء مقتنعين أن الجنس من أصل الرواية ، وأنه ما دام فى سياق الأحداث فلا بأس ، كالممثلة الخليعة ترتدي اللاثياب ثم تخرج متباهية بأنه الدور يتطلب ذلك وأنه لا حرج عليها ، وكأن الجسد الذي ظهر واللحم الذي قطعه البطل بيديه هو جسد ولحم الدور وليس جسدها !!!
إن الإبداع الحقيقي هو أن يستغنى المؤلف عن الجنس ، وتسير الرواية فى سياق لغوي وإبداعي يمتع به القارئ يثير عواطفه دون أن يثير حواسه الجنسية ، ولا يتم ذلك إلا حينما يتوقف الناس عن شراء الروايات الجنسية ، أم أني حالم أن أتوقع ذلك من بشر صفحة الحوادث هى كل ما يثيرهم فى أي جريدة ؟!!
فلله وحده المشتكى وهو حسبنا ونعم الوكيل