الثلاثاء، 7 أبريل 2020

هل تنتهي فعلاً زراعة القلب ؟



دائماً ما أقف مذهولاً أمام عمليات نقل الأعضاء، وليس هذا الذهول من جهلي بمبادئ تلك الجراحات وأساسها العلمي، ولكن من رؤية العين بعد تصديق القلب لقدرة الله عز وجل على الإحياء وتعليم الإنسان ما لم يعلم، وأشد تلك العمليات التي تبهرني هو زراعة العضو المسئول عن حياة البدن والروح.

عملية زراعة القلب هي عملية جراحية للمرضى الذين يعانون من فشل القلب أو من مرض الشريان التاجي الحاد وهو مرض يتسبب في نقص كمية الأكسجين الواصل عبر الشرايين لتغذية النسيج العضلي القلبي مما يضعف قدرة عضل القلب على الإنقباض والإنبساط،
وتتلخص العملية في أخذ القلب الصحيح من المتوفين حديثاً وزرعه في المريض بدلاً من القلب المعتل.

 أول عملية زراعة قلب من إنسان لأخر – حيث سبقت تجارب على حيوانات – كانت علي يد الجراح الجنوب أفريقي كريستيان برنارد في كيب تاون بجنوب أفريقيا وذلك في عام 1967 ،وذلك وفقاً لتقنيات طورها الدكتور نورمان شومواي الذي يعتبره الأطباء الأب الروحي لزراعة القلب في العالم، ومات المريض بعدها بتسعة أيام بسبب الإلتهاب الرئوي الناتج عن أدوية التثبيط.
وفي العام التالي تم تنفيذ أكثر من 100 عملية زراعة قلب، وكان متوسط عمر المريض بعد الجراحة ثلاثة أشهر مما أدي إلى تراجع الأطباء عن إجراء العملية إلى النصف تقريباً في العام الذي يليه!!

وتطورت التنقنيات بشكل كبير على مدار العقود السابقة حتى أن إحصائية في عام 2010 قدرت عمليات زراعة القلب بأكثر من 3600 عملية في عام واحد بنسبة نجاح بلغت 85 % .

وبالطبع هناك شروط كثيرة يجب توافرها في الشخص حتى يصبح مؤهلاً لتلقي قلب، منها ألا يكون قد تخطى عمره 65 عاماً، وألا يكون لديه مرض مزمن أو تاريخ مرضي شخصي للإصابة بالسرطان، أو عوامل نفسية قد تؤدي لرفض الجسم للقلب المزروع.

ولا تزال تلك العملية رغم التطور من أخطر العمليات عموماً حيث أن معدل الوفيات من تلك الجراحة حوالي 5- 10 % في دراسة أعلنت عام 2011
ومن الخطورة أيضاً مضاعفات ما بعد الجراحة مثل الإلتهاب وتعفن الدم ورفض القلب المزروع، فإن ما يقرب من 25 % ممن يجرون الجراحة تظهر عليهم علامات رفض العضو خلال السنة الأولى بعد العملية،
 فضلاً عن الأثار الجانبية للأدوية المثبطة للمناعة، التي قد تتسبب في زيادة أحتمال المريض للعدوى وسببيتها لأنواع معينة من السرطانات

وفي دراسة مضحكة تمت من قبل متخصص في جامعة جونز هوبكنز للطب اكتشف الدكتور إريك ويس أن المرضى الرجال الذين تلقوا قلوب من إناث كانوا معرضين لخطر الوفاة بنسبة 15 % أعلى من الرجال الذين تلقوا قلوب من رجال !!

عند وفاته في 10 أغسطس 2009، كان توني هيوزمان هو أطول من عاش في العالم بعد تلقيه قلباً مزروعاً، فقد عاش بعد العملية لمدة 30 سنة و 11 شهر و10 أيام، وقد تلقى القلب عام 1978 وهو في سن العشرين، وقد أجريت العملية في جامعة ستانفورد بإشراف الدكتور نورمان شومواي

وانتزع اللقب من الدكتور شومواي الدكتور المصري مجدي يعقوب عام 2016، ؛حيث أصبح الإنجليزي جون مكفرتي هو حامل الرقم القياسي لأطول معيشة بعد عملية زراعة القلب، حيث عاش 33 عام بعد العملية التي تمت في مستشفى هاريفيلد في ميدلسكس بإشراف الدكتور يعقوب .

ونظراً لإرتفاع عدد المرضى خلال عقد من الزمان بنسبة 162 % ، فإن توفير قلوب بديلة لهذا العدد يكاد يصل لدرجة الإستحالة،
لذا طور الأطباء تقنية تساعد المرضى لحين العثور على متبرع، أو يتم استخدامها بشكل دائم في بعض الأحيان وهي استخدام الأجهزة المساعدة للبطين وهي تقوم بدور القلب من ضخ واستقبال الدم خلال الجسم.
ويمكن المزج بين تلك الأجهزة واستخدام تقنيات حديثة تعتمد على حقن للخلايا الجذعية لعلاج مرض الشريان التاجي .

وفي النهاية قد نجد أنفسنا مستقبلا في حالة إستغناء تام عن عمليات زراعة القلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فضيحة ووترجيت وإستقالة الرئيس الأمريكي

لا تزال "ووترجيت" هي الفضيحة السياسية الأكبر والأكثر شهرة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تسببت في الاستقالة الوحيدة لرئيس أ...